خطبة

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: فَضْلُ شَهْرِ رَمَضَانَ

07.03.2024
Rahle Kur'an

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

نَحْنُ عَلَى أَبْوَابِ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ، وَهُوَ الشَّهْرُ الْوَحِيدُ الَّذِي ذُكِرَ اسْمُهُ فِي الْقُرْانِ الْكَرِيمِ. لَقَدْ اِنْتَهَى شَهْرَانُ مِنَ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ، وَبَقِي رَمَضَانُ وَنَنْتَظِرُهُ بِحَمَاسٍ. أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى كَمَا جَاءَ فِي الْقُرْانِ الْكَرِيمِ: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذٖٓي اُنْزِلَ فٖيهِ الْقُرْاٰنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدٰى وَالْفُرْقَانِۚ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُؕ) الْقُرْانُ الْكَرِيمُ الَّذِي أُرْسِلَ كَدَلِيلٍ لِلْإِنْسَانِيَّةِ، بَدَأ نُزُولُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارِ حِرَاءَ بِمَكَّةَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ في عَامٍ سِتُّمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ مِيلَادِي. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي خَلَقَنَا مِنْ الْعَدَمِ “أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَتْرُكَ سُدًى“. بَعْدَ أَنْ خَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ لَمْ يَتْرُكْهُ وَحْدَهُ، بَلْ عَلَّمَهُ كَيْفَ يَقِفُ عَلَى الطَّرِيقِ لِجَعْلِ الْحَيَاةِ ذَاتَ مَعْنًى عَنْ طَرِيقِ الْقُرْانِ وَالسُّنَّةِ.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

رَمَضَانُ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِي نَصِلُ فِيهِ لِأَعْلَى مَرْحَلَةٍ فِي عِبَادَةِ اللَّه، وَنَجِدُ مَعْنَاهَا مِنْ خِلَالِ الصِّيَامَ. الصِّيَامُ يُعَلِّمُنَا الصَّبْرَ وَالرَّحْمَةَ وَالْإِرَادَةَ، وَيَحْفَظُنَا مِنَ الْوُقُوعِ فِي خُطُورِةِ الشَّهَوَاتِ النَّفْسِيَّةِ وَالْجَسَدِيَّةِ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (يَٓا اَيُّهَا الَّذٖينَ اٰمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذٖينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَۙ) وَهَذِهِ الآيَةُ تُشِيرُ إلَى أَنَّ الْغَايَةَ مِنَ الصِّيَامِ هُوَ الِابْتِعَادُ عَنْ كُلِّ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي. يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ»

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشَّهْرِ الْمُبَارَكِ الَّذِي نَنْتَظِرُهُ بِشَوْقٍ “أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ” شَهْرُ رَمَضَانَ هُوَ الشَّهْرُ وَالْوَقْتُ الَّذِي يَجِبُ أَنْ نُكْثِرَ فِيهِ مِنَ الْعِبَادَةِ. الصِّيَامُ، وَالزَّكَاةُ، وَحَلَقَاتُ الذِّكْرِ وَالْقُرْانِ، وَصَلَاةُ التَّرَاوِيحِ مِنْ أَوَّلِ الْعِبَادَاتِ الَّتِي تَتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ عِنْدَمَا نَسْمَعُ شَهْرَ رَمَضَانَ. رَمَضَانُ هُوَ شَهْرُ الْعِبَادَةِ وَالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ.

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

بِوَسِيلَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَيْنَا أَنْ نَبْذُلَ جُهُودَنَا، وَنُكْثِرَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْانِ الْكَرِيمِ، لِنَفْهَمَ مَا نَقْرَأُ، وَلِنُطَبِّقَ مَا نَفْهَمُهُ فِي حَيَاتِنَا. وَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَنْوِيَ الْمُشَارَكَةَ فِي حَلَقَاتِ رَمَضَانَ الَّتِي تُتْلَى فِي مَسَاجِدِنَا، وَأَنْ نُرَاجِعَ، وَنَقْرَأَ التَّفْسِيرَ عِنْدَمَا نَعُودُ إِلَى بُيُوتِنَا. إِنَّ الْقُرْانَ الْكَرِيمَ الَّذِي أُنْزِلَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ هُوَ بِلَا شَكٍّ كَلَامُ اللَّهِ. وَلِذَلِكَ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْانِ تَعْنِي مُخَاطَبَةَ اللَّهِ تَعَالَى. لِنَلْجَاْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، لِلتَّغَلُّبِ عَلَى التَّوَتُّرِ وَالْمَتَاعِبَ الَّتِي نُوَاجِهُهُا فِي حَيَاتِنَا اليَوْمِيَّةِ. لِنُحَاسِبْ أَنْفُسَنَا وَحَالَنَا. وَلْنَسْأَلْ أَنْفُسَنَا (إلَى أَيْنَ نَتَّجِهُ نَحْنُ؟) خُصُوصًا فِي هَذَا الشَّهْرِ، وَلْنَبْتَعِدْ عَنِ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ الْفَانِيَةِ الَّتِي نَكُونُ مُنْغَمِسِينَ فِيهَا.

لِنُحَاوِلْ أنْ نَكُونَ عِبَادًا كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الَّتِي سَنَعُودُ مِنْهَا إلَى اللَّهِ. وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الْعَامِلَيْنِ وَالْمُسْتَغِلِّين هَذَا الشَّهْرَ الْمُبَارَكَ.

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: فَضْلُ شَهْرِ رَمَضَانَ

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com