خطبة

خُطْبَةُ الْجُمُعَة

29.10.2025
Takke Tesbih Turuncu

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْاَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرٖينَ وَالْاَنْصَارِ وَالَّذٖينَ اتَّبَعُوهُمْ بِاِحْسَانٍۙ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ…﴾ وَفِي آيَةٍ أُخْرَى يَصِفُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَالَ الصَّحَابَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّٰهِؕ وَالَّذٖينَ مَعَهُٓ اَشِدَّٓاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَٓاءُ بَيْنَهُمْ تَرٰيهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللّٰهِ وَرِضْوَاناًؗ تُبَيِّنُ هَاتَانِ الْآيَتَانِ الْكَرِيمَتَانِ بِوُضُوحٍ الْمَكَانَةَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي خَصَّ اللَّهُ بِهَا الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَفَضِيلَتَهُمُ الرَّفِيعَةَ عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ، فَهُمْ الَّذِينَ نَصَرُوا الدِّينَ، وَصَدَقُوا فِي الْإِيمَانِ، وَبَلَّغُوا الرِّسَالَةَ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ بِأَمَانَةٍ وَإِخْلَاصٍ.

 

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

الصَّحَابَةُ هُمْ الَّذِينَ رَأَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَالَسُوهُ، وَآمَنُوا بِهِ، وَتُوُفِّيُوا عَلَى الْإِسْلَامِ. وَفَضْلُهُمْ لَا يَكُونُ فَقَطْ بِسَبَبِ رُؤْيَتِهِمْ لِلرَّسُولِ، بَلْ فِي نُصْرَتِهِ وَالِاسْتِمْلَاكِ بِدَعْوَتِهِ، وَتَضْحِيَتِهِمْ فِي سَبِيلِ الْإِسْلَامِ وَبَذْلِ كُلِّ مَا يَمْلِكُونَ لِنُصْرَتِهِ. ‎فَقَدْ بَلَغَنَا دِينُ الْإِسْلَامِ بِسَعْيِهِمْ، وَتَضْحِيَاتِهِمْ، وَرِوَايَاتِهِمْ. فَهُمُ الَّذِينَ تَعَلَّمُوا آيَاتِ الْقُرْآنِ وَعَلَّمُوهَا، وَنَقَلُوا أَقْوَالَ النَّبِيِّ ﷺ وَسُنَّتَهُ الْمُطَهَّرَةَ. وَلِذَلِكَ كَانَ جِيلُ الصَّحَابَةِ أَوَّلَ حَمَلَةِ الْإِسْلَامِ، وَأَصْدَقَ مَنْ مَثَّلَهُ وَبَلَّغَهُ لِلنَّاسِ.

 

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

إنَّ سِيَرَ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ تُظْهِر لنا مَعْنَى الْإِيمَانِ الْحَقِيقِيِّ وَالتَّضْحِيَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنْفَقَ مَالَهُ كُلَّهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، عن عمرَ بنِ الخطَّابِ قال : «أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يومًا أن نتصدَّقَ ، فوافقَ ذلِكَ مالًا عندي ، فقلتُ : اليومَ أسبِقُ أبا بَكْرٍ إن سبقتُهُ يومًا ، فَجِئْتُ بنصفِ مالي ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : ما أبقيتَ لأَهْلِكَ ؟ ، قلتُ: مثلَهُ ، قالَ : وأتى أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ بِكُلِّ ما عندَهُ ، فقالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : ما أبقَيتَ لأَهْلِكَ؟ قالَ: أبقَيتُ لَهُمُ اللَّهَ ورسولَهُ، قلتُ: لا أسابقُكَ إلى شيءٍ أبدًا». ‎وعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اشْتَرَى بِئْرَ رُومَةَ وسبَلَها للمسلِمينَ لِيَسْتَفِيدوا مِنْهَا، وَتَصَدَّقَ فِي تَبُوكَ بِمِئَاتِ الْإِبِلِ، وعَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَامَ فِي فِرَاشِ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةَ الْهِجْرَةِ، مُعَرِّضًا نَفْسَهُ لِلْخَطَرِ لِيَحْمِيَ رَسُولَ اللَّهِ. ‎وَأَمَّا الْأَنْصَارُ فَقَدْ فَتَحُوا قُلُوبَهُمْ وَدِيَارَهُمْ لِإِخْوَانِهِمُ الْمُهَاجِرِينَ، وَآثَرُوهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلٰٓى اَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌؕ﴾ ‎وَلِذَلِكَ بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ مَقَامَ الصَّحَابَةِ الْعَظِيمَ فَقَالَ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ».

 

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

‎إِنَّ مَحَبَّةَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ، فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَدْ أَحَبُّوهُمْ. وَحِينَ نُحِبُّهُم فَإِنَّمَا نُعَبِّرُ عَنْ مَحَبَّتِنَا لِدِينِنَا وَلِإِيمَانِنَا، وَلِأُولَئِكَ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ الْقُرْآنُ بِـ “السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ”، الَّذِينَ كَانُوا أَوَّلَ مَنْ حَمَلَ رِسَالَةَ الْإِسْلَامِ وَبَذَلُوا كُلَّ مَا يَمْلِكُونَ فِي سَبِيلِ نُصْرَتِهِ. ‎وَمِنْ وَاجِبِنَا الْيَوْمَ أَنْ نَمْشِيَ على نَهْجِهم، وَأَنْ نَتَّخِذَهُم قُدْوَةً فِي حَيَاتِنَا، وَأَنْ نُسَمِّيَ أَبْنَاءَنَا بِأَسْمَائِهِمْ، وَنُرَبِّيَ أَطْفَالَنَا عَلَى سِيرَتهم وَأَخْلَاقِهِمْ، لِيَكُونُوا مِثْلَهُمْ فِي الْإِيمَانِ وَالْعَطَاءِ. ‎وَلَا نَنْسَ أَنَّ مَحَبَّتَهُم تَغْرِسُ الْأُخُوَّةَ فِي قُلُوبِنَا، وَتُقَوِّي الْوَحْدَةَ وَالْأُلْفَةَ فِي مُجْتَمَعِنَا. فَإِحْيَاءُ سِيرَتِهِمْ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ لَيْسَ إِحْيَاءَ الْمَاضِي فَقَطْ، بَلْ إِحْيَاءٌ لِلْحَاضِرِ، وَبِنَاءٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ.

 ‎اللَّهُمَّ زِدْ فِي قُلُوبِنَا مَحَبَّةَ أَصْحَابِ نَبِيِّكَ الْكِرَامِ، وَارْزُقْنَا الاقْتِدَاءَ بِهِمْ. اللَّهُمَّ ارْضَ عَنَّا كَمَا رَضِيتَ عَنْهُمْ، وَاجْمَعْنَا بِهِمْ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ. آمِينَ.

خُطبة – بالعربية

خُطبة – بالتركية

خُطبة – بالألمانية

خُطبةبالإنجليزية

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com