خطبة

خُطْبَةُ الْعيد: عيد الأضحى: طاعة الله

05.06.2025
Takke Tesbih Turuncu

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنَا مِنَ الْعَدَمِ، وَأَكْرَمَنَا بِنُورِ الْإِيمَانِ وَأَعَزَّنَا بِالْإِسْلَامِ، وَجَعَلَ الْأَعْيَادَ فِي الْإِسْلَامِ مَصْدَرًا لِلْهَنَاءِ وَالسُّرُورِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَلَّغَنَا عِيدَ الْأَضْحَى الْمُبَارَكَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.

عِبَادَةُ الْأُضْحِيَّةِ عِبَادَةٌ قَدِيمَةٌ، لَمْ يَنْفَرِدْ الْإِسْلَامُ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الدِّيَانَاتِ بِتَقْدِيمِ الْأُضْحِيَّةِ، حَيْثُ اعْتَادَ الْعَرَبُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ تَقْدِيمَ الْقُرْبَانِ إِلَى آلِهَتِهِمْ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا فِي الْمُنَاسَبَاتِ الدِّينِيَّةِ، مُعْتَقِدِينَ أَنَّهَا تُقَرِّبُهُمْ إِلَيْهَا. عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ؟ قَالَ: «سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ». فَالْأُضْحِيَّةُ هِيَ سُنَّةٌ مُنْذُ عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مَا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ فقَالَ اللَّهُ تَعَالىَ: ﴿لَنْ يَنَالَ اللّٰهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَٓاؤُ۬هَا وَلٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوٰى مِنْكُمْۜ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللّٰهَ عَلٰى مَا هَدٰيكُمْؕ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنٖينَ﴾

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

إنّ اَلْأُضْحِيَةَ بِجَانِبِ أَنَّهَا عِبَادَةٌ فَهِيَ تُعَبِّرُ عَنْ الشُّكْرِ لِلَّهِ تَعَالىَ عَلَى نِعَمِهِ. فَالْمُؤْمِنُ عِنْدَمَا يُضَحِّي يُظْهِرُ خُضُوعَهُ لِلَّهِ. اَلْأُضْحِيَّةُ تُعَلِّمُنَا الطَّاعَةَ لِلَّهِ وَالِامْتِثَالَ لِأَوَامِرِهِ كَمَا فَعَلَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. إِنَّ الْأُضْحِيَّةَ تُحْيِي فِي الْمُجْتَمَعِ رُوحَ الْأُخُوَّةِ وَالتَّكَافُلِ وَالتَّرَاحُمِ، وَلَا سِيَّمَا فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا فُقَرَاءُ لَا يَسْتَطِيعُونَ شِرَاءَ اللَّحْمِ. وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ عَنْ لَحْمِ الْأَضَاحِيِّ: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا

إِنَّ مُشَارَكَةَ الْأُضْحِيَّةِ مَعَ الْآخَرِينَ يَفْتَحُ بَابَ السَّعَادَةِ وَالرِّضَا. وَقَدْ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الرِّبْحَ الْحَقِيقِيَّ هُوَ مُشَارَكَةُ الْأُضْحِيَّةِ مَعَ الْمُحْتَاجِينَ. فَقَدْ سُأِلَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمًا عَمَّا بَقِيَ مِنْ شَاةٍ ذَبَحَهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: “ ما بقيَ منْها إلَّا كتفُها” قالَ ﷺ: «بقيَ كلُّها غيرَ كتفِها» يَعْنِي أَنَّ مَا أُعْطِيَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هُوَ الَّذِي يَدُومُ وَيَبْقَى لَنَا فِي الْآخِرَةِ.

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

الْعِيدُ هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي نَقِفُ فِيهِ بِجَانِبِ إِخْوَانِنَا الْمَظْلُومِينَ فِي فِلَسْطِينَ، وَتُرْكِسْتَانَ الشَّرْقِيَّةِ، وَسُورِيَا. الْعِيدُ هُوَ يَوْمٌ يَتَرَابَطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ. الْعِيدُ هُوَ يَوْمٌ نَلْتَجِئُ فِيهِ إِلَى اللَّهِ بِالدُّعَاءِ مِنْ أَجْلِ سَلَامَةِ وَطُمَأْنِينَةِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ. الْعِيدُ هُوَ عِيدُ مَنْ يُعَمِّرُ الْأَرْضَ وَلَيْسَ مَنْ يُفْسِدُهَا. الْعِيدُ هُوَ عِيدُ مَنْ يُشَارِكُ فِي الْخَيْرِ، وَيَدْعُو لِلْحَقِّ وَالْعَدَالَةِ ضِدَّ الَّذِينَ يَسْعَوْنَ إِلَى الْفَسَادِ، وَالْقَتْلِ، وَالظُّلْمِ. فَلْنَنْظُرْ إِلَى أَيَّامِ الْعِيدِ عَلَى أَنَّهَا فُرْصَةٌ لِلتَّقَارُبِ وَالتَّرَاحُمِ، وَلَيْسَ مُجَرَّدَ أَيَّامِ عُطْلَةٍ نَبْتَعِدُ فِيهَا عَنْ بَعْضِنَا الْبَعْضِ.

 فَلْنَغْتَنِمْ أَيَّامَ الْعِيدِ بِزِيَارَةِ كِبَارِنَا، وَأَقَارِبِنَا، وَجِيرَانِنَا، وَلْنَكْسِبْ قُلُوبَهُمْ ولْنَنَلْ بِدَعْوَاتِهِمْ، وَلْنَتَذَكَّرْ مَوْتَانَا وَنَدْعُ لَهُمْ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَلْنُدْخِلْ الْفَرْحَةَ عَلَى قُلُوبِ الْأَيْتَامِ، وَالْمُحْتَاجِينَ، وَكِبَارِ السِّنِّ، وَالْمَرْضَى، وَلْنُنْهِ الْخِلَافَاتِ وَنَتَصَالَحْ، وَلْنَسْعَ جَاهِدِينَ لِتَضْمِيدِ جِرَاحِ الْمَظْلُومِينَ وَنَكُنْ بِجَانِبِهِمْ. اَللَّهُمَّ صَلِّي وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، اَلَّذِي رَزَقَنَا هَذَا الْعِيدَ تِذْكَارًا مِنْ وَفَاءِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِخْلَاصِ هَاجَرَ، وَاسْتِسْلَامِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِم السَّلَامُ.

نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا رَحْمَتَهُ وَكَرَمَهُ وَفَضْلَهُ. نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُعِيدَهُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ بِالْخَيْرِ وَالصِّحَّةِ وَالسَّلَامِ. عِيدُكُمْ مُبَارَكٌ.

خُطْبَةُ الْعيد: عيد الأضحى: طاعة الله

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com