خطبة

فَضْلُ الِاعْتِكَاف وَفَوَائِدُه

28.03.2024
Kur'an Sayfası Tesbih Ahşap

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ 

﴿وَاِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَاَمْناًؕ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ اِبْرٰهٖيمَ مُصَلًّىؕ وَعَهِدْنَٓا اِلٰٓى اِبْرٰهٖيمَ وَ اِسْمٰعٖيلَ اَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّٓائِفٖينَ وَالْعَاكِفٖينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴿١٢٥﴾ 

عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ « : أَنَّ النَّبِيَّ  : كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى…»

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

نَحْنُ نَقْتَرِبُ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وهو أَفْضَلُ الْأَيَّامِ فِي الْعَامِ. وَبِهَذِهِ الْأَيَّامِ تَصِلُ كُلُّ عِبَادَةٍ لَنَا مَعَ الصِّيَامِ إِلَى أَعْلَى دَرَجَاتٍ، وَيَزْدَادُ ثَوَابُ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ. عِنْدَمَا يُقَالُ الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، أَوَّلُ شَيْءٍ يَأْتِي لِلْعَقْلِ هُوَ الِاعْتِكَافُ. الِاعْتِكَافُ هُوَ الِابْتِعَادُ عَنِ كُلِّ أَعْمَالِ الدُّنْيَا، وَقَضَاءُ كُلِّ الْوَقْتِ بالعِبَادَةِ فِي الْمَسْجِدِ. 

وَفِي الآيَةِ الَّتِي قَرَأْنَاهَا فِي بِدَايَةِ الْخُطْبَةِ وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْكَعْبَةَ بِأَنَّهَا مَكَانٌ لِلِاعْتِكَافِ وَقَال:(وَاِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَاَمْناًؕ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ اِبْرٰهٖيمَ مُصَلًّىؕ وَعَهِدْنَٓا اِلٰٓى اِبْرٰهٖيمَ وَ اِسْمٰعٖيلَ اَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّٓائِفٖينَ وَالْعَاكِفٖينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَةِ النَّبِيِّ: “أَنَّ النَّبِيَّ  : كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى…” إنَّ الِاعْتِكَافَ خَاصَّةً فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَهُ أَهَمِّيَّةٌ خَاصَّةٌ. لِأَنَّهُ بِهَذَا سَيَتِيحُ لَكَ فُرْصَةٌ لِقَضَاءِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنْتَ تَعْبُدُ اللَّهَ. قَالَتْ أُمُّنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا “كانَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إِذَا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ، أحْيَا اللَّيْلَ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئزَرَ”. (متفقٌ عَلَيْهِ)

 أَثْنَاءَ الِاعْتِكَافِ لَا يَجِبُ أَنْ نُغَادِرَ الْمَسْجِدَ إلَّا فِي الضَّرُورَةِ. يُصَلِّي الْعَبْدُ أَثْنَاءَ اعْتِكَافِهِ، وَيَقْرَأُ الْقُرْءَانَ، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَذْكُرُه، وَيَدْعُو وَيَلْجَئ إلَى اللَّهِ بِقَلْبٍ صَادِق. الِاعْتِكَافُ يُقَرِّبُنَا لِلَّه وَلِلْقِرَان. لِهَذَا فَهُوَ فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِكُلِّ عَبْدٍ.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُخَصِّصَ وَقْتَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَرَاحِلَ مُعَيَّنَةٍ مِنْ حَيَاتِهِ. الصَّوْمُ يَأْتِي لِلْإِنْسَانِ ويُخَلِّصُهُ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي ارْتَكَبَهَا، وَمِنْ كُلِّ شَهَوَاتِه الدُّنْيَوِيَّةِ، وَمِنْ مُتَطَلَّبَاتِ الدُّنْيَا. وَيَكُونُ رَمَضَانُ مَانِعًا لِلشَّهَوَاتِ الَّتِي لَا تَنْتَهِي. فَعِبَادَةُ الصَّوْمِ تَعْتَمِدُ عَلَى الْخُضُوعِ إلَى اللَّهِ، وَالِابْتِعَادِ عَنِ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا.

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

‏ كَمْ اسْتَطَعْنَا أَنْ نُحَافِظَ عَلَى قُلُوبِنَا مِنْ ارْتِكَابِ الذُّنُوبِ فِي الْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ كَمْ اسْتَطَعْنَا أَنْ نُطَهِّرَ ذِهْنَنَا مِنَ الذُّنُوبِ؟ مَاذَا فَعَلْنَا لِكَيْ نُدْخِلَ فَرْحَةَ الصِّيَامِ إلَى عَائِلَتِنَا؟ أَيُّ يَتِيمٍ اسْتَطَعْنَا أَنْ نَصْنَعَ الْبَسْمَةَ عَلَى وَجْهِهِ؟ أَيُّ مَكْرُوبٍ أَخْرَجْنَاهُ مِنْ كَرْبِهِ؟
وَهُنَا يَكُونُ الِاعْتِكَافُ أمَامَنَا كَفُرْصَةٍ مُهِمَّةٍ لِمُحَاسَبَةِ أَنْفُسِنَا. وَيَجْعَلُنَا الِاعْتِكَافُ أَيْضًا أَنَّ نَتَأَمَّلَ فِي حِكْمَةِ خَلْقِنَا. لِأَنّ أَثْنَاءَ الِاعْتِكَافِ الزَّمَنُ يَتَوَقَّف. وَيَكُونُ الْوَقْتُ مُخْتَلِفًا عَنْ الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ. تُتْرَكُ مَشَاكِلُ الدُّنْيَا جَانِبًا. وَيَخْضَعُ الْإِنْسَانُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَهَذَا يَبْدَأُ بِالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ وَيَسْتَمِرُّ “بِالتَّأَمُّل “

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

إذَا كُنَّا نُرِيدُ أَنْ نُوَاصِلَ حَيَاتَنَا كَمَا يَرْضَى اللَّهُ بَعْدَ رَمَضَانَ، فَعَلَيْنَا أَنْ نَسْتَفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ. وَلِهَذَا أَوْصَانَا اللَّهُ بِعِبَادَةِ الِاعْتِكَافِ، وَتَفَرَّغَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعِبَادَةِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ. فَيَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَعْتَكِفَ قَدْرَ الْمُسْتَطَاعِ، وَعَلَى مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الِاعْتِكَافَ أَنْ يُخَصِّصَّ وَقْتًا مِنْ يَوْمِهِ لِلْعِبَادَةِ مُنْفَرِدًا.

خُطْبَة

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com