خطبة

14.12.2023
Koran Tasbih Grün

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ 

) يَٓا اَيُّهَا الَّذٖينَ اٰمَنُٓوا اِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْاَنْصَابُ وَالْاَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٩٠﴾ اِنَّمَا يُرٖيدُ الشَّيْطَانُ اَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَٓاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ وَعَنِ الصَّلٰوةِۚ فَهَلْ اَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴿٩١﴾

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

« … وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ. فَلْيَتَصَدَّقْ. »

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ أَنَّه بَيَّنَ الْحَلَالَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَوَصَفَهُ بِأَفْضَلِ الْأَوْصَاف. وَثُمَّ فَصَّلَ الْحَرَامَ وَحَذَّرَ مِنْ مَخاطِرِ الْحَرَامِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى الْمَهَالِك. وَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْقِمَارَ وألْعَابَ الْحَظّ. و فِي هَذَا الصَّدَدِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ) يَٓا اَيُّهَا الَّذٖينَ اٰمَنُٓوا اِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْاَنْصَابُ وَالْاَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٩٠﴾ اِنَّمَا يُرٖيدُ الشَّيْطَانُ اَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَٓاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ وَعَنِ الصَّلٰوةِۚ فَهَلْ اَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴿٩١﴾

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

الْقِمَارُ وألْعَابُ الْحَظِّ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ. وَالْقِمَارُ يُلْهِي الْإِنْسَانَ مِنْ الْعِبَادَةِ، وَيَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ. الْقِمَارُ هِوَايَةٌ آثِمَةٌ تَلْتَهِمُ الْوَقْتَ وَالْجُهْدَ، وتُعَوِّدُ عَلَى الخُمُولِ وَالكَسَلِ، وَتُعَطِّلُ الْأُمَّةَ عَنْ العَمَلِ والإنْتَاجِ. الْقِمَارُ يَدْفَعُ صَاحِبَهُ إلَى الإِجْرَامِ، وَيَجْعَلُ الْإِنْسَانَ يَقَعُ بَيْنَ يَدَيْ الشَّيْطَانِ؛ وَمِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى فَلَهُ تَأْثِيرٌ سَلْبِي، وَلَهُ العَدِيدُ مِنَ الْعَوَاقِبِ، وَيَكُونُ أدَاةً لِهَدْمِ الْبُيُوتِ الْعَامِرَةِ، وَتَفَكُّكِ العَائِلَةِ، وَانْفِصَالِ الْأَطْفَالِ عَنْ الْأُسْرَةِ، وَيُؤَدِّي إلَى العُنْفِ الْأُسَرِي.

الْقِمَارُ يَدْفَعُ صَاحِبَهُ إلَى الدُّيُونِ، وَيُورِثُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ، وَيُهِينُ كَرَامَةَ النَّاسِ وَشَرَفَهُمْ. وَنَتِيجَةُ كُلِّ هَذَا يَتَفَكَكُ الْكَثِيرُ مِنْ العَائِلَاتِ، وَتَنْهَدِمُ الْبُيُوتُ بِسَبَبِ إدْمَان الْقِمَارِ. وَبِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ يَقَعُ النَّاسُ فِي صِرَاعٍ مَعَ بَعْضِهِمْ الْبَعْض وَهَذَا مَا يُرِيدُهُ الشَّيْطَانُ.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

فِي زَمَانِنَا الَّذِي يَرَى فِيهِ النَّاسُ أَنَّ كَسْبَ الْمَالِ بِسُهُولَةٍ هُو نَجَاحٌ، وَمَعَ دُخُولِ التَّكْنُولُوجِيَا فِي كُلِّ جَانِبٍ مِنْ حَيَاتِنَا لَلْأَسَفِ، أَصْبَحَ يَسْهُلُ الْوُصُولُ إلَى ألْعَابِ الْحَظّ الَّتِي تَدْفَعُ النَّاسَ لِلْقِمَارِ. لَقَد أَثَّرَتْ الزِّيَادَةُ فِي أَنْوَاعِ الْقِمَارِ وَسُهُولَةِ الْوُصُولِ إلَيْهَا بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ عَلَى زِيَادَةِ عَدَدِ مُدْمِنِي الْقِمَارِ. وَهَذَا الْوَضْعُ سَاهَمَ فِي إعْطَاءِ الْكَسْبِ غَيْرِ المَشْرُوعِ صِفَةً شَرْعِيَّةً دَاخِلَ الْمُجْتَمَعِ. وَنَتِيجَةً لِذَلِكَ أَصْبَحَتْ مُحَاوَلَاتُ الْحُصُولِ عَلَى الْمَالِ بِسُهُولَةٍ عَبْرَ الألْعَابِ الرِّيَاضِيَّةِ الَّتِي تَحْظِي بِشَعْبِيَّةٍ خَاصَّةً بَيْنَ الشَّبَابِ؛ فَإِنَّ الجُهُودَ المَبْذُولَةَ لِكَسْبِ الْمَالِ السَّهْلِ مِنْ خِلَالِ اليَانْصِيب، وَمَا إلَى ذَلِكَ أَصْبَحَ أَمْرًا شَائِعًا فِي الْمُجْتَمَعِ. النَّاسُ الَّذِينَ يُعَلِّقُونَ كُلَّ آمالِهِمْ عَلَى كَسْبِ الْمَالِ الْحَرَامِ عَنْ طَرِيقِ الْحَظِّ دُونَ بَذْلِ جُهْدٍ، يَنْتَهِيَ بِهِمْ الْأَمْرُ إِلَى إهْدَارِ أَمْوَالِهِم، وَأَعْظَمِ النِّعَمِ الَّتِي لَدَيْهِمْ مِثْلُ الْوَقْتِ، وَالْأُسْرَةِ، وَالصِّحَّةِ. وَفِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ يَجِبُ عَلَيْنَا كَمُجْتَمَعٍ، أَنْ نُدْرِكَ هَذِهِ الْعَادَاتِ السَّيِّئَةَ، وَنُعَلِّمَ شَبَابَنَا الْقِيَمَ الأخْلاَقِيَّةَ، وَنَزِيدَ الْوَعْيَ الأُسَرِي. وَيَنْبَغِي أَلَّا نَنْسَى أنَّ النَّجَاحَ الْحَقِيقِيَّ هُوَ كَسْبُ الْإِنْسَانِ الرِّزْقَ بِالطُّرُقِ الْحَلَالِ، وَحِمَايَةُ عائِلَتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُفِيدًا لِلْمُتجْمَعِ؛ بَيْنَمَا انْحِرَافُ الْإِنْسَانِ لِلطُّرُقِ الْمُحَرَّمَةِ يَكُونُ لَهُ آثَارٌ ضَارَّةٌ عَلَى الْفَرْدِ، وأُسْرَتِهِ، وَالْمُجْتَمَعِ. يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَلَّا يَتَجَاهَلَ حَقِيقَةَ أنَّ نِظَامَ الْقِمَارِ دَائِمًا مُصَمِّمٌ لِصَالِحِ الَّذِين يُدِيرُونَ الْقِمَارَ.

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ الْخَمْرَ، وَالْقِمَارَ، وَالْمُسْكِرَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو؛ لِحِمَايَةِ النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الْآفَاتِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ. فَلْيَتَصَدَّقْ. » وَبِذَلِكَ حَذَّرَ النَّبِيُّ مِنْ كُلِّ مَا يُحَرِّضُ ويُشَجِّعُ عَلَى الْقِمَارِ. فَلْنَجْتَنِبْ الْقِمَارَ وألْعَابَ الْحَظِّ الَّتِي حَذَّرَهَا اللهُ ورَسُولُهُ، وَبَيَّنَ لَنَا حِكْمَتَهَا. ونَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَحْفَظَنَا مِنْ الشَّيْطَانِ وَأَعْمَالِهِ الْخَبِيثَةِ، ومَكَايِدِهِ، ويُثَبِّتَ أَقْدَامَنَا عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.

 آمِينَ

خُطْبَة

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com