خطبة

اُهتمام اُلنبي صُلى اُلله عُليه وُسلم وُرحمته لُامتهُُ

04.09.2025
Rahle

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنَا مِنْ الْعَدَمِ، وَأَحْيَانَا بِفَضْلِهِ وَغَفَرَ لَنَا بِرَحْمَتِهِ، والصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى حَبِيبِنَا الْمُصْطَفَى مُحَمَّدٍ فَخْرِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعَلَى كُلِّ الْمُؤْمِنِينَ السَّائِرِينَ عَلَى نَهْجِهِ. يُعَرِّفُنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِحَبِيبِهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ﴿ لَقَدْ جَٓاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ اَنْفُسِكُمْ عَز۪يزٌۘ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَر۪يصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِن۪ينَ رَؤُ۫فٌ رَح۪يمٌ ﴾ لَقَدْ كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَكِّرُ كَثِيرًا بِأُمَّتِهِ، يَفْرَحُ لِفَرَحِهِمْ، وَيَحْزَنُ لِحُزْنِهِمْ. كَانَ يَسْجُدُ لِرَبِّهِ فِي اللَّيْلِ بَاكِيًا وَهُوَ يَدْعُو اللَّهَ بِالْمَغْفِرَةِ لِأُمَّتِهِ، وَفِي النَّهَارِ كَانَ يُجَاهِدُ مِنْ أَجْلِ هِدَايَتِهِمْ.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
لَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَرَوْنَ رَحْمَتَهُ، وَحِرْصَهُ، وَاهْتِمَامَهُ عَلَى أُمَّتِهِ فِي كُلِّ قَوْلٍ وَفِعْلٍ. أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي خَدَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طُفُولَتِهِ عَشْرَ سَنَوَاتٍ كَامِلَةٍ قَالَ وَاصِفًا رَسُولَ اللَّهِ: «كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: أحسنَ الناس خُلقًا.» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ يُخْبِرُنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيَقُولُ: «ما مسستُ بيدي ديباجًا ولا حريرًا ولا شيئًا كان ألْينَ مِن كفِّ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، ولا شممتُ رائحةً قطُّ أطيبَ من ريحِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ولقد خدمتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عشرَ سنينَ فواللَّه ما قالَ لي : أُفٍّ قطُّ ، ولا قالَ لشيءٍ فعلتُهُ : لمَ فعلتَ كَذا ولا لشيءٍ لم أفعلْهُ ألا فعلتَ كَذا» وَكَذَلِكَ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي هَالَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَصَفَتْ وَقَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحِرْصَهُ عَلَى أُمَّتِهِ: «كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مُتَوَاصِلَ الأَحْزَانِ، دَائِمَ الفِكْرِ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ، لَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، طَوِيلَ السُّكُوتِ، يَفْتَتِحُ الكَلَامَ وَيَخْتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ فَصْلًا لَا فُضُولَ فِيهِ وَلَا تَقْصِيرَ، دَمِثًا لَيْسَ بِالجَافِي وَلَا المُهِينِ، يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ، لَا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْئًا وَلَا يَمْدَحُهُ، وَلَا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا وَمَا كَانَ لَهَا، فَإِذَا تُعُوطِيَ الحَقُّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ، وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ، وَلَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَنْتَصِرُ لَهَا…» كَانَ كَلَامُهُ ﷺ كُلُّهُ خَيْرًا وَهُدًى، كَانَ هَمُّهُ إِظْهَارَ الْحَقِّ، وَالْعَدْلِ، وَالْخَيْرِ فَقَطْ.

 قَبْلَ الْهِجْرَةِ عَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الذَّهَابِ إِلَى الطَّائِفِ بِاصْطِحَابِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَدَعَا زُعَمَاءَ قَبِيلَةِ ثَقِيفٍ إِلَى الْإِسْلَامِ. لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِدَعْوَتِهِ، بَلْ رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى أُدْمِيَتْ قَدَمَاهُ الشَّرِيفَتَانِ. لَجَأَ لِرَبِّهِ يُنَاجِيهِ وَيَدْعُو «الَّلهمَّ اهدِ ثقيفًا» كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا بِأُمَّتِهِ كَرَحْمَةِ الْوَالِدِ بِأَوْلَادِهِ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّما أنا لكم بمَنزِلةِ الوالِدِ، أُعلِّمُكم» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ أُمَّتِى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَتِ الدَّوَابُّ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهِ، فَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ فِيهِ»

 

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،
مَنْ اهْتَدَى بِهَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ ارْتَفَعَ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّلِّ إِلَى عِزِّ الْإِيمَانِ، وَمَنْ تَحَلَّى بِأَخْلَاقِهِ نَجَا مِنْ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ، وَمَنْ اقْتَدَى بِهِ وَأَتْبَعَ نَهْجَهُ نَشَرَ النُّورَ فِي الْأَرْضِ، وَعَمَّ الْعَدْلَ وَالرَّحْمَةَ، وَنَالَ الْخَلَاصَ. وَهَكَذَا ظَلَّ نُورُهُ عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ مُشْعِلًا يُضِيءُ دُرُوبَ الْأُمَّةِ. لَكِنَّ الْيَوْمَ إِذَا نَظَرْنَا إِلَى حَالِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَجَدْنَا مَا يُوجِعُ الْقُلُوبَ وَيُدْمِعُ الْعُيُونَ. الْجَهْلُ يَغْمُرُ مُجْتَمَعَنَا، وَالتَّفْرِقَةُ بِكُلِّ مَكَانٍ، وَالْمَظْلُومُونَ يَئِنُّونَ تَحْتَ نِيرِ الظُّلْمِ. فِي غَزَّةَ أَصْبَحَ الْأَطْفَالُ أَيْتَامًا، وَفِي سُورْيَا تُهْدَمُ الْبُيُوتُ، وَفِي تُرْكِسْتَانَ الشَّرْقِيَّةِ يُضْطَهَدُ الْمُسْلِمُونَ، وَفِي بِقَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنْ الْأَرْضِ تَسِيلُ الدِّمَاءُ وَتُرَاقُ الدُّمُوعُ. الْأُمَّةُ الَّتِي أَخْرَجَهَا نَبِيُّنَا مِنْ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ إِلَى نُورِ الْهِدَايَةِ الْيَوْمَ تَعُودُ إِلَى التَّفَرُّقِ وَالظُّلْمِ وَالْجَهْلِ. وَلَيْسَ لَنَا مِنْ سَبِيلٍ لِلْخَلَاصِ إِلَّا الرُّجُوعُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَالتَّمَسُّكُ بِهِمَا فِي حَيَاتِنَا كُلِّهَا.

 فَيَا عِبَادَ اللَّهِ، تَذَكَّرُوا أَنَّكُمْ أُمَّةُ نَبِيٍّ رَؤُوفٍ رَحِيمٍ. فَلْنَقْتَدِ بِهِ وَلْنَتَمَسَّكْ بِسُنَّتِهِ، وَلْنَكُنْ عَوْنًا لِلْمَظْلُومِينَ وَنُشَارِكْهُمْ أَحْزَانَهُمْ وَآلَامَهُمْ. اَللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا شَفَاعَتَهُ يَوْمَ نَلْقَاهُ، وَانْصُرْ إِخْوَانَنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ وَالْمَظْلُومِينَ فِي غَزَّةَ، وَفِلَسْطِينَ، وَتُرْكِسْتَانَ الشَّرْقِيَّةِ، وَسَائِرِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَقَبَّلْ دُعَائَهُمْ، وَأَرِنَا فِي الظَّالِمِينَ عَجَائِبَ قُدْرَتِكَ.

اُهتمام اُلنبي صُلى اُلله عُليه وُسلم وُرحمته لُامتهُُ

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com