خطبة

تَضَامُنُ الخَيْر

18.09.2025
Mimber Lambalar

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

إِنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ دِينُ الْقِيَمِ وَالْمَبَادِئِ الْعَظِيمَة. وَمِنْ أَجَلِّ تِلْكَ الْقِيَمِ قِيمَةُ «الْمَعْرُوف». وَالْمَعْرُوفُ هُوَ كُلُّ مَا وَافَقَ الْفِطْرَةَ وَوَافَقَ الشَّرْع. هُوَ كُلُّ خَيْرٍ وَجَمَالٍ وَنَفْعٍ وَصِدْق. وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ مَقَاصِدِ هَذَا الدِّين. فَإِذَا سَادَ الْمَعْرُوفُ سَادَتِ الطُّمَأْنِينَة. وَإِذَا غَابَ الْمَعْرُوفُ ظَهَرَ الْمُنْكَر. وَالْمُنْكَرُ هُوَ كُلُّ شَرٍّ وَقُبْحٍ وَبَاطِل.

وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاس». وَهَذَا تَعْرِيفٌ جَامِعٌ، يُؤَكِّدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَرَسَ فِي قُلُوبِ الْبَشَرِ ضَمِيرًا حَيًّا لَا يُخْطِئ.

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

إِنَّنَا نُشَاهِدُ الْيَوْمَ عَبْرَ الشَّاشَاتِ وَالْأَخْبَارِ صُوَرًا مِنَ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَان، خَاصَّةً فِي فِلَسْطِين. مَشَاهِدُ وَحْشِيَّة، تُدْمِي الْقُلُوبَ وَتُبْكِي الْعُيُون. دِمَاءٌ تُسْفَك. أَطْفَالٌ تُشَرَّد. نِسَاءٌ تُقْتَل. وَشُيُوخٌ يُطْرَدُون.

وَالْأَسَفُ أَنَّ مَنْ يَمْلِكُ الْقُوَّةَ وَالْقُدْرَةَ عَلَى إِيقَافِ هَذِهِ الْجَرَائِم، مِنْ دُوَلٍ وَمُنَظَّمَات، هُمْ بَيْنَ سَاكِتٍ وَمُتَجَنِّبٍ لِأَيِّ إِجْرَاءٍ جَاد. وَقَدْ صَوَّرَ لَنَا الْقُرْآنُ هَذِهِ الْحَالَ فَقَال: ﴿كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُون﴾.

 

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

إِنَّ مَا يَجْرِي فِي فِلَسْطِينَ وَغَزَّةَ لَيْسَ مَحْضَ حَرْب، بَلْ هُوَ امْتِحَانٌ لِلْإِنْسَانِيَّةِ كُلِّهَا. أَيْنَ أَصْحَابُ الْحَضَارَة؟ أَيْنَ أَهْلُ الْعِلْمِ والتِّكْنُولُوجِيَا؟ هَلْ زَادَهُمْ تَقَدُّمُهُمْ فِي تِلْكَ الْمَجَالَاتِ إِنْسَانِيَّةً، أَمْ زَادَهُمْ بَرْبَرِيَّة؟

الْأَرَامِلُ وَالْأَيْتَامُ وَالْعَجَائِز، دِمَاؤُهُمْ وَدُمُوعُهُمْ أَعَادَتْ لِلْإِنْسَانِيَّة صُوَرَ الْعُصُورِ الْبِدَائِيَّة. وَصَرَخَاتُ الْمَظْلُومِينَ قَدْ بَلَغَتِ السَّمَاء.

وَفِي مُقَابِلِ ذَلِك، قَامَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاس، بِاخْتِلَافِ أَلْوَانِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ، بِمُبَادَرَاتٍ سِلْمِيَّة. جَمَعَهُم صَوْتُ الضَّمِير، وَوَحَّدَهُمْ طَلَبُ الْعَدْل. وَكَأَنَّهُمْ يُجَسِّدُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾.

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

إِنَّ أُسْطُولَ «الصُّمُود» اَلَّذِي أُطْلِقَ لِكَسْرِ الْحِصَارِ عَنْ غَزَّةَ، لَمْ يَخْرُجْ لِمَصَالِحَ سِيَاسِيَّةٍ أَوْ مَطَامِعَ اقْتِصَادِيَّة، بَلِ انْطَلَقَ بِدَوَافِعَ وِجْدَانِيَّةٍ وَإِنْسَانِيَّةٍ صِرْفَة. وَهُوَ قَدْ أَصْبَحَ الْيَوْمَ مَفْخَرَةً لِلْإِنْسَانِيَّة، وَأَمَلًا لِلْمَظْلُومِين. صَارَ رَمْزًا لِلسَّلَامِ وَالرَّحْمَةِ وَالْعَدْل.

وَاعْلَمُوا ـ رَحِمَكُمُ اللَّه ـ أَنَّ وَقْفَ الظَّالِمِ لَيْسَ بِدُعَاءِ الْمَظْلُومِ وَحْدَهُ، وَلَكِنَّهُ أَيْضًا بِجُرْأَةِ الْأَحْرَارِ وَمَوَاقِفِ الشُّجْعَان. وَإِنَّنَا نَرْفَعُ شُكْرَنَا لِكُلِّ مَنْ وَقَفَ مَعَ هَذِهِ الْحَرَكَةِ السِّلْمِيَّةِ، وَلِكُلِّ مَنْ أَحْيَا هَذِهِ الْقَضِيَّةَ فِي الضَّمَائِرِ وَالْإِعْلَام.

اللَّهُمَّ كُنْ مَعَ أَهْلِ غَزَّة، وَمَعَ كُلِّ مَظْلُومٍ وَمُسْتَضْعَف. اللَّهُمَّ انْصُرْهُمْ بِنَصْرِك، وَأَيِّدْهُمْ بِتَأْيِيدِك، وَاحْفَظْهُمْ بِرِعَايَتِك. اللَّهُمَّ اجْمَعْنَا عَلَى كَلِمَة الْحَقّ، وَاهْدِنَا سُبُل السَّلَام، وَارْزُقْنَا أَيَّامًا تَسُودُهَا الرَّحْمَة وَالْأَمْن وَالْإِيمَان.

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

خُطبة – بالعربية

خُطبة – بالتركية

خُطبة – بالألمانية

خُطبةبالإنجليزية

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com