خطبة

خُطْبَةُ الْجُمُعَة

11.12.2025
Koran Tasbih Grün

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

إِنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ الْمَخْلُوقُ الْوَحِيدُ الَّذِي يَسْأَلُ عَنْ سَبَبِ وُجُودِهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ. وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ هِيَ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ الْغَايَةَ مِنْ خَلْقِهِمْ مِنْ خِلَالِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ الَّذِي أَنْزَلَهُ هِدَايَةً وَنُورًا. يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْاِنْسَ اِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ إِنَّ الْعُبُودِيَّةَ الَّتِي هِيَ سَبَبُ وُجُودِنَا وَغَايَتُنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا شَرَفٌ عَظِيمٌ لِلْإِنْسَانِ. وَكُلُّ مَنْ نَالَ هَذَا الشَّرَفَ فَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الْمَخْلُوقَاتِ. يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَن۪ٓي اٰدَمَ…﴾

 

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

إِنَّ مَعْنَى الْعِبَادَةِ الَّذِي أَرْشَدَنَا إِلَيْهِ الْقِرَانُ الْكَرِيمُ هُوَ مَعْنًى لِكَلِمَةِ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. فَاللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ هُوَ وَحْدَهُ الَّذِي نَعْبُدُهُ. وَلَا يَجُوزُ الْعِبَادَةُ لِغَيْرِهِ. فَمَنْ جَعَلَ وَلَاءَهُ وَخُضُوعَهُ لِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ وَقَعَ فِي الشِّرْكِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَاَلَّذِي خَلَقَنَا مِنْ الْعَدَمِ: ﴿ذٰلِكُمُ اللّٰهُ رَبُّكُمْۚ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا هُوَۚ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُۚ وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَيْءٍ وَك۪يلٌ وَنَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ نَقُولُ كُلَّ يَوْمٍ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ فِي صَلَوَاتِنَا: ﴿اِيَّاكَ نَعْبُدُ وَاِيَّاكَ نَسْتَعٖينُۜ نَقُولُهَا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ أَكْثَر مِنْ أَرْبَعِينَ مَرَّةً، وَبِهَذَا نُؤَكِّدُ أَنَّ عِبَادَتَنَا لَهُ تَعَالَى وَحْدَهُ وَأَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِهِ سِرُّ الْقُوَّةِ. الْحُرِّيَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ هِيَ الْعُبُودِيَّةُ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَالْمُؤْمِنُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يَكُونُ بِهَذَا الْوَعْيِ يَتَخَلَّصُ مِنْ جَمِيعِ الْقُيُودِ الَّتِي تُقَيِّدُهُ، فَعُبُودِيَّةُ اللَّهِ هِيَ عِزٌّ وَكَرَامَةٌ، أَمَّا الْخُضُوعُ لِغَيْرِهِ فَهُوَ ذُلٌّ وَخُسْرَانٌ.

 

 

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

اَلْعِبَادَةُ هِيَ امْتِثَالٌ لِأَوَامِرِ اللَّهِ وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ، وَالْعَمَلُ بِمَا يُرْضِيهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وما تقرَّبَ إِلَيَ عبْدِي بِشْيءٍ أَحبَّ إِلَيَ مِمَّا افْتَرَضْت عليْهِ: وما يَزالُ عبدي يتقرَّبُ إِلى بالنَّوافِل حَتَّى أُحِبَّه، فَإِذا أَحبَبْتُه كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ به، وبَصره الذي يُبصِرُ بِهِ، ويدَهُ التي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ التي يمْشِي بها، وَإِنْ سأَلنِي أَعْطيْتَه، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَّنه»

فَلِمَاذَا نَعْبُدُ اللَّهَ؟ أَوَّلًا نَعْبُدُ اللَّهَ لِأَنَّهُ هُوَ غَايَتُنَا، لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَنَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، لَقَدْ خُلِقَنَا مِنْ أَجْلِ أَنْ نُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَنَعْرِفَهُ، وَنَعْبُدَهُ. بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْعِبَادَاتِ الْمَفْرُوضَةِ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْنَا الْعَمَلُ بِهَا كَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ فَإِنَّ كُلَّ عَمَلٍ يَقُومُ بِهِ الْمَرْأُ بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ وَرَجَاءٍ لِمَرْضَاتِهِ تَعَالَى فَهُوَ عِبَادَةٌ أَيْضًا. إِنَّ السَّعْيَ فِي تَحْقِيقِ الْأَمَانِ وَالسَّلَامِ لِعَائِلَتِنَا، وَإِدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَقَضَاءَ حَاجَاتِ الْمَظْلُومِينَ وَالْمُضْطَهَدِينَ عِبَادَةٌ. السَّعْيُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ، وَإِرْضَاءِ الْآخَرِينَ وَإِدْخَالِ السُّرُورِ إِلَى قُلُوبِهِمْ عِبَادَةٌ. وَالصِّدْقُ وَالْأَمَانَةُ فِي تِجَارَتِنَا، بَلْ حَتَّى إِزَالَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ عِبَادَةٌ.

 

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

فَلْنَسْتَجِبْ لِأَمْرِ اللَّهِ الَّذِي قَالَ: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقٖينُ﴾ وَلْنُحَافِظْ عَلَى إِيمَانِنَا فِي قُلُوبِنَا، وَلْنُزَيِّنْ حَيَاتَنَا بِالْعِبَادَاتِ، وَالْأَعْمَالِ اَلصَّالِحَةِ وَالْاِخْلَاقِ اَلْحَسَنَةِ. لِنَسْتَشْعِرَ دَائِمًا أَنَّ اَللَّهَ مَعَنَا، وَيَرَانَا وَيَسْمَعُنَا، وَلَا يَغِيبُ عَنَّا طَرْفَةَ عَيْنٍ. إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَرَضَ عَلَيْنَا اَلْعِبَادَاتِ وَسَنَّ لَنَا اَلطَّاعَاتِ؛ رَحْمَةً بِنَا وَرِفْعَةً لِشَأْنِنَا، لَا مُجَرَّدَ حَرَكَاتٍ وَأَقْوَالٍ خَالِيَةٍ مِنْ اَلْمَقَاصِدِ. فَلْنَحْرِصْ إِلَى جَانِبِ الْفَرَائِضِ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ عَلَيْنَا، أَنْ نَكُونَ مِنْ أَهْلِ اَلْخَيْرِ، نَسْعَ لِإِصْلَاحِ أَنْفُسِنَا وَمُجْتَمَعِنَا، وَنَجْتَهِدْ لِنَكُونَ نَافِعِينَ حَيْثُمَا كُنَّا. نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ عِبَادَاتِنَا خَالِصَةً لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَأَنْ يَتَقَبَّلَ مِنَّا صَالِحَ اَلْأَعْمَالِ، وَأَنْ يُزَيِّنَنَا بِحُسْنِ اَلْأَخْلَاقِ.

خُطبة – بالعربية

خُطبة – بالتركية

خُطبة – بالألمانية

خُطبةبالإنجليزية

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com