خطبة

الإتحادُ قُوَّةٌ فِي الْمُجْتَمَعِ

07.12.2023
Rahle

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ 

﴿وَمَنْ اَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَٓا اِلَى اللّٰهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ اِنَّنٖي مِن الْمُسْلِمٖينَ
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:

«اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ»

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ كُلَّ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ الْعَدَمِ وَأَطْلَقَ عَلَى أَفْضَلِ خَلْقِهِ لَفْظَ “إنْسَان”. عِنْدَمَا نَنْظُرُ إلَى كَلِمَةٍ “إنْسَانٍ” نَرَى أَنَّهَا مِنْ جَذْرِ “أُنَس” مِنْ الْإِينَاسِ الَّتِي تَأْتِي بِمَعْنَى الصَّدَاقَةِ والتَّعَارُفِ. بِمُجَرَّدِ أَنَّ يَأْتِيَ الْإِنْسَانُ إلَى الدُّنْيَا بَيْنَ عَائِلَةٍ، يَبْدَأُ حَيَاتَهُ وَهُوَ يَشْعُرُ بِالاِنْتِمَاءِ إلَى هَذِهِ العَائِلَةِ. وَثُمَّ يَزِيدُ هَذَا الشُّعُورُ تَدْرِيجِيّا بانْتِمائِه إلَى حَيِّهِ ومَدِينَتِهِ وَبَلْدَهِ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ. شُعُورُ الانْتِمَاءِ هَذَا هُوَ شُعُورٌ إِنْسانِيٌّ وَشُعُورٌ قَيِّم. لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤْمِنِ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، يَكُونُ شُعُورُ الْإِنْسَانِ أَنَّهُ عَبْدُ لِلَّهِ، أَكْثَرَ أَهَمِّيَّةً مِنْ شُعُورِ الانْتِمَاءِ هَذَا. فَالْمُسْلِمُ يَبْنِي شَخْصِيَّتَهُ بِكَوْنِهِ عَبْدًا لِلَّهِ، وَمِنْ أَمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

عَلَيْنَا وَاجِبَاتٌ وَمَسْؤُولِيَّاتٌ بِكَوْنِنَا مُسْلِمِينَ مُؤْمِنِينَ بِاَللَّه، وَنَنْتَمِي إلَى أُمِّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَمَنْ اَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَٓا اِلَى اللّٰهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ اِنَّنٖي مِن الْمُسْلِمٖينَ﴾ إنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ لَيْسَ دِينًا تُمْكِنُ مُمَارَسَتُهُ فِي الْعُزْلَةِ أَوْ فِي جَبَلٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يَتَعَارَضُ مَع فِطْرَةِ الْإِنْسَانِ. بَلْ نَحْنُ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ كَمَا يَنْبَغِي عَلَيْنَا مِنْ خِلَالِ الْقِيَامِ بِمَسْؤُولِيَتِنَا الاجْتِمَاعِيَّةِ واخْتِلَاطِنَا مَعَ النَّاسِ. عَلَى قَوْلِ السَّلَفِ: عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ الْحَقِّ بَيْنَ الْخَلْقِ.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

لَا شَكَّ أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ فِي دِينِنَا هُوَ الْجِهَادُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأْمَتِهِ: (جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وألْسِنَتِكُمْ). إنَّ أَفْضَلَ أَنْوَاعِ الْجِهَادِ هُوَ أَنْ نُجَاهِدَ أَنْفُسَنَا أَوَّلًا بِالْخَيْر وَالْحَقّ. وَبَعْد جِهَادِ النَّفْسِ أَنْ نَعْمَلَ عَلَى نَشْرِ هَذِه الْقِيَمِ فِي الْمُجْتَمَعِ بِطَرِيقَةٍ صَحِيحَةٍ وَسَلِيمَةٍ. لَا يَنْبَغِي أَبَدًا أنْ يَتَقَيَّدَ فَهْمُ الْمُسْلِمِ لِلْحَيَاةِ مِنْ خِلَالِ الرَّاحَةِ، وَالْمَصَالِحِ الشَّخْصِيَّةِ، ويَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ ألَّا يَقَعَ أَبَدًا فِي حُبِّ الذَّاتِ والاَنَانِيَّةِ؛ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ بِمَبْدَأ “خِدْمَةُ النَّاسِ هِيَ خِدْمَةُ لِلَّهِ “

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

نَحْنُ كَمُنَظِّمَةِ الْفِكْرِ الوَطَنِيّ الْإِسْلَامِيّ، كُنْتُمْ مَوْجُودِينِ مَعَنَا مُنْذُ السَّنَوَاتِ الْأُولَى لِتَأْسِيسِنَا، وَسَاعَدْنَا مَعًا الْكَثِيرَ مِنْ الْمَظْلُومِينَ. نَحْنُ سَلَكْنَا طَرِيقَ الْخَيْرِ الَّذِي أَمَرَنَا اللَّهُ بِهِ. وَقَد اتَّخَذْنَا شِعَارَنَا خِدْمَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَلِجَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ هُمْ إِخْوَانُنَا مِنْ أَدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. نَحْنُ كَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ دَعُونَا نُعَزِّزُ انْتِمَائَنَا لِمُنَظِّمَتِنَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الصَّعْبَةِ الَّتِي نَمُرُّ فِيهَا، ونَنْتَسِبُ إلَى مَسَاجِدِنَا الَّتِي هِيَ بِمَثَابَةِ الْكَعْبَةِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَلَا نَقْطَعُ الْعَلَاقَةَ بَيْنَ مَسَاجِدِنَا. ولْنُحَافِظْ عَلَى مُدَاوَمَةِ الْجَمَاعَةِ، ولْنَهْتَمَّ بِمَسَاجِدِنَا، ولْنَتَحَمَّلْ الْمَسْؤُولِيَّةَ قَدْرَ الْمُسْتَطَاعِ. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ».

وَطَالَمَا أَنَّنَا مُتَّحِدُونَ فَسَوْفَ نَسْتَمِرُّ فِي اتِّخَاذِ خُطُوَاتٍ وَطِيدَةٍ نَحْوَ خِدْمَةِ الْمُسْلِمِينَ والإنْسَانِيَّةِ بِإِذْنِ اللَّهِ. اللَّهُمَّ اُنْصُرْ إِخْوَانَنَا الْمُجَاهِدِينَ وَأَيِّدْهُم بِقُوَّتِكَ وَاجْعَلْنَا مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي طَاعَتِكَ.

 آمِينَ.

خُطْبَة

 

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com