خطبة

التَّوْبَةُ وَاللُّجُوءُ إِلَى اللَّهِ

25.01.2024
Takka Tasbih Holz

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ 

 ) وَالَّذٖينَ اِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً اَوْ ظَلَمُٓوا اَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّٰهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْࣕ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ اِلَّا اللّٰهُࣕ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلٰى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿١٣٥﴾

عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ:…وَحَدَّثَنِى أَبُو بَكْرٍ وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍأَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: يَقُولُ:

«  مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلاَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ.»

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ :( وَالَّذٖينَ اِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً اَوْ ظَلَمُٓوا اَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّٰهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْࣕ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ اِلَّا اللّٰهُࣕ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلٰى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)

عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلاَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ.» فِي الْقُرْانِ الْكَرِيمِ سُمِّيَ الْإِنْسَانُ بِالْبَشَرِ، وَعِنْدَمَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ أَصْبَحَ إنْسَانًا. وَإِنَّ أَهَمَّ مَرْحَلَةٍ فِي التَّحَوُّلِ مِنْ بَشَرٍ لِإِنْسَانٍ تَعَلَّمْنَاهَا مِنْ حَيَاةِ النَّبِيِّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. بَعْدَ أَنْ أَكَلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الْأَكْلِ مِنْهَا وَشَعَرَ بِالنَّدَمِ َقَالَ: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

الْحِكْمَةُ عَلَى أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلُ إنْسَانٍ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَيْ أَوَّلُ خَلِيفَةٍ فِي الْأَرْضِ، هُوَ لِأَنَّهُ أَذْنَبَ ذَنْبًا ثُمَّ تَابَ إِلَى اللَّهِ، وَاسْتَغْفَرَ. نَفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ تَارِيخَ الْبَشَرِيَّةِ بَدَأَ بِالتَّوْبَةِ، وَنَفْهَمُ أَيْضًا مِنَ الْقُرْآنِ أَنَّ إبْلِيسَ الَّذِي عَصَى اللَّهَ بِسَبَبِ تَكَبُّرِهِ حَيْثُ قَال: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي. وَكَانَتْ خَطِيئَةُ الْإِنْسَانِ أَنْ يَتْبَعَ هَوَاهُ، بَيْنَمَا خَطِيئَةُ الشَّيْطَانِ كَانَتْ بِسَبَبِ تَكَبُّرِهِ. كَوْنُ الْإِنْسَانِ نَشَأَ مِنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدَثَ عِنْدَمَا تَحَوَّلَ الذَّنْبُ لِطَاعَةٍ، وَأَمَّا كَوْنُ إبْلِيسَ نَشَأَ مِنْ الشَّيْطَانِ حَدَثَ بِسَبَبِ اسْتِمْرَارِهِ فِي التَّمَرُّدِ وَالطُّغْيَانِ. كُلُّ إنْسَانٍ لَدَيْهِ الْقُدْرَةُ عَلَى أَنْ يَعِيشَ عَزِيزًا كَآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ ذَلِيلًا وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ كَإِبْلِيسَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. فَإِمَّا أَنْ تَتُوبَ وَتَصِلَ لِمَرْتَبَةٍ عَالِيَةٍ فِي الْجَنَّةِ أَوْ تَعْصِيَ اللَّهَ حَتَّى لِدَرَجَةٍ تَتَعَجَّبُ مِنْك الشَّيَاطِينِ.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

التَّوْبَةُ هِيَ الرُّجُوعُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. كُلُّ إنْسَانٍ يَجِدُ ذُنُوبًا كَثِيرَةً فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ مِنْ مَرَاحِلِ حَيَاتِهِ. وَيَرْتَكِبُ الْإِنْسَانُ ذَنُوبًا بِإِرَادَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ إرَادَةٍ. وَهَذَا طَبِيعِيٌّ لِأَنَّ الدُّنْيَا دَارُ الِامْتِحَانِ. بَعْدَ الذَّنْبِ يَنْشَأُ فِينَا الشُّعُورُ بِالنَّدَمِ وَهَذِهِ عَلَامَةٌ عَلَى الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ. لِأَنَّ الذَّنْبَ يُشْعِرُنَا بِعَدَمِ الِارْتِيَاحِ. وَأَنَّ هَذَا الشُّعُورَ هُوَ فُرْصَةٌ لَنَا، وَعَلَيْنَا أَنْ نَغْتَنِمَهَا ليُنِيرَ اللَّهُ قُلُوبَنَا بِالتَّوْبَةِ وَالْعَوْدَةِ إِلَيْهِ. وَعِنْدَمَا نَلْجِئُ إلَى اللَّهِ وَنَتُوبُ، يَجِبُ عَلَيْنَا أَيْضًا أَنَّ نَسْتَغْفِرَ اللَّهَ، وَيَكُونَ هَذَا دَائِمًا عَلَى أَلْسِنَتِنَا. وَكَمَا تَعَلَّمْنَا مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ الَّذِي يَرْجِعُ إلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ بِقَلْبٍ خَاشِعٍ، قَلْبُهُ سَيَكُونُ نَقِيًّا كَأَنَّهُ وُلِدَ مِنْ جَدِيدٍ. عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ سَيَجْزِي التَّائِبِينَ فِي الْآخِرَةِ، أَيْضًا سَيُرِيحُ بِالتَّوْبَةِ قُلُوبَنَا وَيُنِيرُ طَرِيقَنَا. لِأَنَّ التَّائِبَ لَمْ يَرْضَ قَلْبُهُ بِالذَّنْبِ، بَلْ َرَجَعَ بِالتَّوْبَةِ إلَى رَبِّهِ. ووَضَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِضَا اللَّهِ وَحُبَّهُ بِالتَّائِبِ مِنْ بَابِ ضَرْبِ الْمِثَالِ، بِاَلَّذِي يَبْحَثُ عَنْ مَاءِ فِي الصَّحْرَاءِ. كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ يَفْرَحُ عِنْدَمَا يَحْصُلُ عَلَى مَاءٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يَرْضَى وَيُحِبُّ تَقَرَّبَ الْعَبْدِ إلَيْهِ. وَلَا نَنْسَى أَنَّ التَّوْبَةَ هِيَ نِعْمَةٌ مِنْ اللَّهِ لَنَا. وَيُعَلِّمُنَا الْقُرْانُ الْكَرِيمُ كَيْفِيَّةَ التَّوْبَةِ.

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

هَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي نُدْرِكُ فِيهَا شَهْرَ رَجَبٍ فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ لَنَا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَغْتَنِمَهَا. لِهَذَا لِنُحَاوِلْ أَنْ نَلْجِئَ إلَى اللَّهِ بِهَذِهِ الْأَيَّامِ، وَنَغْتَنِمَ الْفُرْصَةَ، وَنَقْتَرِبَ إلَى اللَّهِ عَنْ صَمِيمِ قُلُوبِنَا، وَنَدْعُوَ اللَّهَ لِيَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا. وَلْنَقْتَدِ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَسْتَغْفِرْ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ. وَلَا نَنْسَى أنَّنَا نَعِيشُ بِسِتْرِ اللَّهِ وَتَحْتَ ظِلِّهِ، وَأَنَّنَا بِحَاجَةٍ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْاخِرَةِ.

خُطْبَة

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com