خطبة

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: اَلصَّلَاةُ مِعْرَاجُ الْمُؤْمِن

21.07.2022
Takke Tesbih Turuncu

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

لَا شَكَّ أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الْإِسْلَام. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ؐ: «‎‎بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْس: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَان».[1] فَذِكْرُهُ ؐ اَلصَّلَاةَ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ مُبَاشَرَةً بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ، يَدُلُّ عَلَى ‏عِظَمِ شَأْنِ الصَّلَاةِ فِي الْإِسْلَام. وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَدْعُوا عِبَادَهُ إِلَى أَنْ ‏يَنْفَصِلُوا عَنِ الْمَشَاغِلِ اليَوْمِيَّةِ لِلْحَيَاةِ، وَيَنْقَطِعُوا لِعِبَادَتِهِ سُبْحَانَهُ، خَمْسَ ‏مَرَّاتٍ فِي الْيَوْم. وَتَكْلِيفُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِبَادَهُ بِالصَّلَاةِ، تَلْطِيفٌ مِنْهُ ‏وَتَشْرِيفٌ لَهُمْ فِي الْحَقِيقَة. فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَحْسَنَ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ اِزْدَادَ قُرْبًا مِنْ ‏رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَقَدْ قِيل: “اَلصَّلَاةُ مِعْرَاجُ الْمُؤْمِن”.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

لَقَدْ بَشَّرَ اللَّهُ تَعَالَى اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَقَالَ‏: ﴿اِنَّ الَّذٖينَ اٰمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَاَقَامُوا الصَّلٰوةَ وَاٰتَوُا الزَّكٰوةَ ‏لَهُمْ اَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْۚ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.[2] وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ سَيَجْزِي الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَلَنْ يُضِيعَ ‏أَجْرَهُمْ وَقَالَ‏: ﴿وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ.[3] فَهَذَا وَعْدُ اللَّهِ لِمَنْ أَقَامَ الصَّلَاة، وَاللَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَاد.

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

إِنَّ نِعَمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى. وَلُطْفُهُ بِنَا لَمْ يَنْقَطِعْ مُنْذُ أَنْ ‏خَلَقَنَا. وَقَدْ خَلَقَنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَكَرَّمَنَا، وَفَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ ‏مَخْلُوقَاتِهِ، وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا بِنِعْمَةِ التَّعَرُّفِ عَلَيْهِ وَالْإِيمَانِ بِه. وَلَا يَسَعُنَا فِي ‏مُقَابِلِ كُلِّ هَذِهِ النِّعَمِ إِلَّا أَنْ نَشْكُرَهُ سُبْحَانَه. وَإِنَّ أَفْضَلَ وَسِيلَةٍ لِشُكْرِ اللَّهِ ‏تَعَالَى هِيَ الْعِبَادَةُ لِلَّهِ وَطَاعَةُ أَوَامِرِهِ عَزَّ وَجَلّ. وَإِنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ تُمَيِّزُنَا ‏عَنْ سَائِرِ النَّاسِ غَيْرِ الْمُسْلِمِين. فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُحْسِنَ أَدَاءَ ‏الصَّلَوَاتِ وَأَلَّا يُهْمِلَهَا أَبَدًا. رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ ؐ‎:‎ “‏‎أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَل؟” فَقَالَ ؐ:«اَلصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا».[4]

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

‏إِنَّنَا مَهْمَا حَاوَلْنَا الْاِبْتِعَادَ عَنِ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا، ‏فَإِنَّنَا فِي آخِرِ الْأَمْرِ لَسْنَا بِمَعْصُومِين. وَيَظَلُّ خَطَرُ الْوُقُوعِ فِي الذَّنْبِ مَوْجُودًا ‏دَائِمًا بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا، بِسَبَبِ عَجْزِنَا وَضَعْفِنَا. وَنَحْنُ إِذَا أَقَمْنَا ‏الصَّلَاةَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، رَجَوْنَا أَنْ يُعَامِلَنَا رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِلُطْفِهِ ‏وَرَحْمَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَة. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ؐ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شِيْء؟» قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْء، قَالَ: «فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا».[5]

إِخْوَتِيَ الْأَحِبَّاء، إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَة. فَلْنَجْتَهِدْ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فِي ‏حُضُورِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِد. قَالَ ؐ: «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَفِي سُوقِهِ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا».[6]

أَسْأَلُ الْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الْمُقِيمِينَ لِلصَّلَاةِ، وَأَنْ ‏يُلْحِقَنَا بِالصَّالِحِينَ يَوْمَ الْقِيَامَة. إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْه. آمِين.

[1] صحيح البخاري، كتاب الإيمان، 1، 2

[2] سورة البقرة: 277

[3] سورة الأعراف: 170

[4] صحيح البخاري، كتاب التوحيد، 48

[5] صحيح البخاري، كتاب المواقيت، 6

[6] صحيح البخاري، كتاب الأذان، 30

 

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: اَلصَّلَاةُ مِعْرَاجُ الْمُؤْمِن

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com