خطبة

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: اَلْبِيئَةُ أَمَانَةٌ فِي رِقَابِنَا

01.06.2023
Rahle

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

إِنَّ مَوْضُوعَ الْاِخْتِلَالِ الْبِيئِيِّ فِي الْعَالَمِ أَصْبَحَ مِنَ الْقَضَايَا السَّاخِنَةِ فِي ‏عَصْرِنَا هَذَا. فَإِنَّ تَعَامُلَ الْبَشَرِيَّةِ مَعَ الطَّبِيعَةِ بِتَهَوُّرٍ وَعَلَى نَحْوٍ غَيْرِ وَاعٍ ‏قَدْ أَدَّتْ إِلَى تَخْرِيبِ الطَّبِيعَةِ وَاخْتِلَالِ نِظَامِهَا. حَتَّى أَصْبَحَتْ هَذِهِ ‏الظَّاهِرَةُ مِنْ أَخْطَرِ مَا يُهَدِّدُ سَلَامَةَ الْبَشَرِيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْض. فَقَدْ أَدَّى ‏هَذَا التَّعَامُلُ اللَّاوَاعِي مَعَ الطَّبِيعَةِ إِلَى إِفْسَادِ طَبِيعَةِ الْحَرْثِ وَالْأَغْذِيَةِ ‏الَّتِي نَتَغَذَّى بِهَا، وَأَسْفَرَ ذَلِكَ عَنْ ظُهُورِ أَنْوَاعٍ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْبَلَايَا فِي ‏حَيَاتِنَا.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيم: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ اَيْدِي النَّاسِ ‏لِيُذٖيقَهُمْ بَعْضَ الَّذٖي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.[1]  وَيَقُولُ تَعَالَى: ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ . أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ﴾.[2]  فَالْإِنْسَانُ مَتَى تَصَرَّفَ فِي الطَّبِيعَةِ بِغَيْرِ هُدًى فَإِنَّهُ يَطْغَى فِي هَذَا الْمِيزَانِ ‏الَّذِي وَضَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا، وَيُؤَدِّي بِذَلِكَ إِلَى ظُهُورِ الْفَسَادِ فِي الْبَرِّ ‏وَالْبَحْرِ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّه.

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَة»‏.[3] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحَافِظُ عَلَى البِيئَةِ الَّتِي يَعِيشُ ‏فِيهَا. وَكَذَلِكَ عَلَيْنَا أَنْ نُعَلِّمَ أَوْلَادَنَا وَنُرَبِّيَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَعْيِ وَالشُّعُورِ ‏تِجَاهَ الْبِيئَةِ وَالطَّبِيعَة. وَفِي سَبِيلِ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ نُقَلِّلَ مِنْ اِسْتِخْدَامِنَا ‏لِلْمَوَادِّ الْبَلَاسْتِك، وَنَحْذَرَ مِنَ الْإِسْرَافِ فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَب. كَذَلِكَ فِي ‏اِسْتِهْلَاكِنَا لِلْمِيَاهِ وَالطَّاقَةِ الْكَهْرَبَائِيَّةِ، عَلَيْنَا أَلَّا نُسْرِفَ فِيه. ‏

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

لِنُحَافِظْ عَلَى هَذَا الدُّنْيَا الَّذِي اِئْتَمَنَنَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا، وَلْنَعْلَمْ أَنَّنَا نُمَثِّلُ ‏الْإِسْلَامَ بِكُلِّ تَصَرُّفٍ مِنْ تَصَرُّفَاتِنَا فِي هَذَا الْمُجْتَمَع. وَلْنَجْتَهِدْ فِي أَنْ نَتْرُكَ ‏لِأَوْلَادِنَا مِنْ بَعْدِنَا عَالَمًا أَجْمَلَ وَأَنْظَفَ وَأَنْقَى مِمَّا وَجَدْنَاهُ عَلَيْه. وَلْنَشْكُرْ ‏رَبَّنَا عَلَى نِعَمِهِ، كَيْ يَزِيدَنَا مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِه. إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْه.

[1] سورة الروم: 41

[2] سورة الرحمن: 7-8

[3] صحيح البخاري، كتاب الجهاد، 128

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: اَلْبِيئَةُ أَمَانَةٌ فِي رِقَابِنَا

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com