خطبة

الإنشاء بالإنفاق

18.11.2021
Mimber Lambalar

يَا جَمَاعَتِي الْكَرِيمَةِ

إِنَّ اللّٰهَ (جَلَّ جَلَاَلُهُ) قَدْ خَاطَبَ النَّاسَ أَجْمَعِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَنْ طَرِيقِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ. فَخِطَابُهُ الْمُقَدَّسُ هٰذَا يُعَلِّمُنَا الْإِيمَانَ، وَالْعِبَادَةَ، وَالْحُقُوقَ، وَالْأَخْلَاقَ، وَقَصَصَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْأدْعِيَة. وَلَكِنَّ أَهَمَّ مَا يُمَيِّزُ الْقُرْآنَ هُوَ أَنَّهُ يُصَحِّحُ لَنَا مَفَاهِيمَنَا وَعَمَلَنَا.

وَلَقَدْ قَالَ اللّٰهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَنِ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ: ﴿ذٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فٖيهِ هُدًى لِلْمُتَّقٖينَ ❊ اَلَّذٖينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقٖيمُونَ الصَّلٰوةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ[1]

وَإِنَّ اللهَ يُذَكِّرُنَا فِي الْقِسْمِ الْأَخِيرِ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ كُلَّ مَا بِأَيْدِينَا نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَنَّ عَلَيْنَا أَنْ نُنْفِقَهُ فِي مَا يُرْضِيهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ» وَقَالَ: «يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لاَ تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»[2]

وَإِنَّنَا كَمُسْلِمِينَ نُوقِنُ بِأَنَّ اللّٰهَ سَوْفَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقَ أَضْعَافَ مَا يُنْفِقُهُ.

يَا إِخْوَتِي الْكِرَامِ

كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ ﷺ [لِيَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ] وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ [وَيُنْفِقُ عَلَى أَخِيهِ]، فَشَكَا المُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ»[3]

وَنَسْتَنْتِجُ مِنْ هٰذَا الْحَديثِ الشَّرِيفِ أَهَمِّيَّةَ دَعْمِ أهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَشَارِيعِ الَّتِي تَخْدِمُ الْعِلْمَ. وَإِنَّنَا بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ لِمِثْلِ هٰذِهِ الْمَشَارِيعِ فِي سَبِيلِ حِفْظِ دِينِنَا وَثَقَافَتِنَا وَهُوِيَّتِنَا وَخُصُوصًا فِي هٰذِهِ الْبِلَادِ الَّتِي نُعَدُّ فِيهَا أقَلِّيَّةً.

يَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْكِرَامُ

فِي إِطَارِ مَشْرُوعِ الْإِنْفَاقِ الَّذِي تُــرَتِّــبُهُ جَمْعِيَّتُنَا، تَمَّ إِنْشَاءُ كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالْكُلِّيَّاتِ وَمَرَاكِزِ التَّعْلِيمِ وَرِيَاضِ الْأَطْفَالِ وَمَدَارِسِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ وَمَسَاكِنِ الطُّلَّابِ وَالْمَدَارِسِ الرَّسْمِيَّةِ فِي دُوَلِ الْعَالَمِ الْمُخْتَلِفَةِ وَذَلِكَ بِدَعْمِكُمُ الْمُخْلِصِ لِلْمَشْرُوع. وَكَذَلِكَ نَسْتَهْدِفُ إِنْشَاءَ أحَدَ عَشَرَ مَشْرُوعًا فِي مِنْطَقَةِ كُولُونِيَا، وَهَانُوفَرَ، وَجَنُوبِ هُولَنْدَا، وإِنْجِلْترَا، وَالْبَلْقَانِ، وَشَوَابِيَا، وَجَنُوبِ بَافَارِيَا، وَبَرْلِينَ، وَالسُّوِيدِ، وَفُورْتَمْبِيرْغَ وَلِينْز. وَنَدْعُو الْجَمِيعَ لِلْإِنْفَاقِ وَلِلْمُشَارَكَةِ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي سَوْفَ تُعْمَلُ فِي هٰذِهِ الْمَشَارِيع.

اَللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ مِنَ الْمَهْدِ إِلَى اللَّحْدِ وَيَتْرُكُ آثَارًا تَعُودُ عَلَيْهِ بِصِدْقَةٍ جَارِيَةٍ، آمِين

[1] سورة البقرة: ٢-٣

[2] صحيح البخاري، التفسير، هود، ٢، رقم الحديث (٤٦٤٨)، صحيح مسلم، الزكاة، ١١، رقم الحديث (٢٣٠٨) – يُنتبه على أنه لا يُقصد باليد الجارحة – تعالى اللّه عن ذلك

[3] انظر الترمذي، الزهد، ٣٣، رقم الحديث (٢٣٤٥) – ما بين المعقوفين شرح أضافه مؤلف متن الخطبة

خطبة الجمعة ١٩\١١\٢٠٢١ – الإنشاء بالإنفاق

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com