خطبة

الدعوة إلى الرحمة والعدالة

20.10.2023
Minber Ahşap

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ

 )وَاِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْۙ ﴿٨﴾ بِاَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْۚ ﴿٩﴾ وَاِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْۙ ﴿١٠﴾ وَاِذَا السَّمَٓاءُ كُشِطَتْۙ ﴿١١﴾ وَاِذَا الْجَحٖيمُ سُعِّرَتْۙ ﴿١٢﴾ وَاِذَا الْجَنَّةُ اُزْلِفَتْۙ ﴿١٣﴾عَلِمَتْ نَفْسٌ مَٓا اَحْضَرَتْ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

«اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ.»

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

دينُنا دِينُ الإِسْلامِ وَالْعَدْلِ وَالرَّحْمَةِ. في الإِسْلامِ كُلُّ إِنْسَانٍ لَدَيْهِ حُرْمَةٌ في الدِّينِ وَالنَّفْسِ وَالْمَالِ. نَبِيُّنَا الَّذِي بُعِثَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ عَلِمَ الإِنْسَانُ أَنَّ الْحَرْبَ لَهَا أَيْضًا أَخْلَاقٌ وَقَانُونٌ. حَتَّى في الْحَرْبِ أَمَرَنَا رَسُولُنَا بِعَدَمِ إِيذَاءِ النِّسَاءِ وَكِبَارِ السِّنِّ وَالْأَطْفَالِ وَالْمَعَابِدِ وَحَتَّى النَّباتَاتِ وَالْحَيَوَانَاتِ. نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ مُأْمُورُونَ بِمُعَارَضَةِ الظُّلْمِ وَمَنْعِهِ أَيًّا كَانَ مَصْدَرُهُ وَأَيًّا كَانَ الْمُوَجَّهُ إِلَيْهِ. وَالظَّالِمُ ظَالِمٌ سَوَاءٌ كَانَ مِنَّا أَوْ لَيْسَ مِنَّا. وَالْمَظْلُومُونَ مَظْلُومُونَ سَوَاءٌ كَانُوا مِنَّا أَمْ لَيْسُوا مِنَّا. وَمِنْ وَاجِبِنَا الإِيمَانِيِّ وَالإِنْسَانِيِّ أَنْ نَحْمِي وَنَرْحَمِ المَظْلُومِينَ سَوَاءً كَانُوا مِنَّا أَمْ لَا، لِمُجَرَّدِ أَنَّهُم بَشَرٌ وَرُوحٌ. أَمَرَنَا اللَّهُ في الْقُرْآنِ أَنْ نَكُونَ بِجَانِبِ الْحَقِيقَةِ وَالْعَدْلِ، حَتَّى لَوْ كَانَ مُؤْلِمًا في أَيِّ وَقْتٍ كَانَ وَتَحْتَ أَيِّ ظُرُفٍ مِنَ الظُّرُوفِ.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

لَلْأَسَفِ يَمُرُّ عالَمُنا اليَومَ بِفَتْرَةٍ صَعْبَةٍ لِلْغَايَةِ بِالْحَرُوبِ وَالاِحْتِلالِ وَالأَزْمَاتِ العالَمِيَّةِ. الْكَوارِثِ الطَّبِيعِيَّةِ مِنْ جِهَةٍ، وَالْحَرُوبِ الَّتِي جَعَلَتِ العالَمَ غَيْرَ صالِحٍ لِسُكَّنَى البَشَرِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. إِنَّ الضُّعَفَاءِ وَالْمُضْطَهَّدينَ وَالأَطْفَالِ هُمْ أَكْثَرُ مِنْ يَدْفَعُونَ ثَمَنَ هَذَا الوَضْعِ الْمُزْرِي. وَبِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ الحَرْبِ فَإِنَّنَا نَلاحِظُ أَنَّ مُبادِئَ الحَرْبِ تُنْتَهَكُ بِقَصْفِهِمْ لِلمُسْتَشْفَياتِ وَالْمَسَاجِدِ وَالأَطْفَالِ وَالمُدَنِيِّينَ الأَبْرِياءِ. وَفَقًا لِقَواعِدِ الحَرْبِ دِينِيًّا وَقانونِيًّا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْحَفَاظِ عَلَى المَسَاجِدِ وَالكِنَائِسِ وَحَتَّى المُسْتَشْفَياتِ وَالمَدَارِسِ وَالمُسْتَوطِناتِ الْمُدَنِيَّةِ. نَحْنُ نَرُفُضُ رُفْضًا تَامًّا العُنْفِ وَالإِرْهابِ ضِدِّ المُدَنِيِّينَ مِنْ كافَّةِ مُناحِي الحَيَاةِ. عَلَى السَّواءِ فَإِنَّنَا نَرُفُضُ هَذَا الظُّلْمَ لِلفِلَسْطِينِيِّينَ. إِنَّ أَسَاسِيَّاتِ كُلِّ إِنْسَانٍ فِي الحَيَاةِ الْمَاءُ وَالطَّعَامُ، وَالعِلاجُ، وَالغَازُ، وَالكَهْرَبَاءُ. فَمَهْمَا حَدَثَ لا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْرُمَهُم مِنْ ذَلِك. فَهَذَا مِنْ أَبَسَطِ حَقُوقِهُم. لا بُدَّ مِنْ تَذْكِرِ حَقُوقِ الإِنْسَانِ وَالتَّعَامُلِ عَلَى هَذَا الأَسَاسِ. وَيَجِبُ أَنْ نَكُونَ عَادِلِينَ بِشَأْنِ هَذِهِ القَضِيَّةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدَمِ إِلْحاقِ الأَذَى بِالمُدَنِيِّينَ الأَبْرِياءِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ الجِهَةِ الَّتِي يَنْتَمُونَ إِلَيْهَا مُبَدَأً أَسَاسِيًّا وَغَيْرَ قَابِلٍ لِلتَّفَاوُضِ.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

وَلِلأَسَفِ فَإِنَّ الرُضَعَ وَالأَطْفَالِ الأَبْرِيَاءِ هُمْ الَّذِينَ يَدْفَعُونَ ثَمَنَ الأَهْدَافِ السِّيَاسِيَّةِ. إِنَّ الأَطْفَالَ الَّذِينَ هُمْ فِي سِنِّ اللَّعِبِ يَفْقُدُونَ حَيَاتِهِم. حِينَمَا نَشَاهِدُ هَذِهِ الْمَنَاظِرِ الْمُؤْلِمَةِ نَتَذَكَّرُ قَوْلَهُ تَعَالَى.: وَإِذَا ﴿الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ. وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ. وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ. وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَت .عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ﴾ وَمِنَ الْمُؤَكَّدِ أَنَّ الْجَمِيعِ سَيُحَاسَبُونَ فِي الآخِرَةِ، وَحِينَهُا سَتَأْتِي الْعَدَالَةُ الْحَاسِمَةُ. قَالَ رَسُولُ الله صلي الله عليه وسلم: «اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ.» 

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ أَهْلُ الاِعْتِدَالِ، بَعِيدُونَ عَنِ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ. نَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ. وَنَدْعُو اللَّهَ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْكَرَاهَةِ مَكَانٌ فِي قُلُوبِنَا. وَنَدْعُو اللَّهَ أَلَّا يَتُمَ اسْتِغْلَالُ الْحُرُوبِ وَتَخْرِيبُ السَّلَامِ الاِجْتِمَاعِيِّ فِي الْبِلَادِ الَّتِي نَعِيشُ فِيهَا. وَنَدْعُو اللَّهَ أَلَّا تَكُونَ هُنَاكَ عَوَاقِبُ أَكْثَرَ خَطُورَةً عَلَى الْعَالَمِ الإِسْلَامِيِّ وَكُلِّ إِنْسَانٍ. اللَّهُمَّ احْفَظْنَا جَمِيعًا مِنْ كُلِّ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ وَالطَّغْيَانِ، وَأُصْلِحْ أَحْوَالَ الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ يَا رَبَّ الْعَالَمِين.

خُطْبَة

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com