خطبة

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: بَاكُورَةُ حَلَقَاتِ الْعِلْم

24.11.2022
Kur'an Sayfası Tesbih Ahşap

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ؐ دَعَا النَّاسَ أَوَّلَ مَا دَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ؛ سِرًّا وَخُفْيَة. فَقَدْ كَانَ ‏ؐ يُعَانِي مِنْ اِضْطِهادِ الْمُشْرِكِينَ فِي مَكَّة. فَكَانَ يُبَلِّغُ الْإِسْلَامَ لِلْأَقْرَبِينَ وَمَنْ ‏يَأْتَمِنُهُمْ. وَكَانَ مِنْ أَوَّلِ مَنِ اسْتَجَابُوا لِلرَّسُولِ ؐ؛ اَلْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. وَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَسْتَمِعَ إِلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ؐ وَهُوَ ‏يُعَلِّمُهُمُ الْإِسْلَام. ‏

وَمَعَ ازْدِيَادِ اِضْطِهادِ الْمُشْرِكِينَ وَاشْتِدَادِ أَذِيَّتِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ، اِحْتَاجَ ‏النَّبِيُّ ؐ إِلَى مَكَانٍ خَاصٍّ يُتَابِعُ فِيهِ الدَّعْوَةَ إِلَى الْإِسْلَام. فَمَا كَانَ مِنَ ‏الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَّا أَنْ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَارِي دَارُك، ‏فَاسْتَغِلَّهُ كَمَا شِئْت. وَقَدَّمَ بِذَلِكَ بَيْتَهُ لِخِدْمَةِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِين. 

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

إِنَّ الْأَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ اِبْنَ 18 (ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) سَنَة. ‏وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ؐ فِي بَيْتِهِ يُعَلِّمُ الصَّحَابَةَ أُمُورَ دِينِهِمْ مِنْ جَانِب، ‏وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ مِنْ جَانِبٍ آخَر. وَكَانَتْ هَذِهِ الْمَجَالِسُ ‏هِيَ السَّبَبُ فِي إِسْلَامِ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ؐ، وَعَلَى رَأْسِهِمْ ‏عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. فَكَانَتْ حَلَقَاتُ الْإِيمَانِ ‏مَعْقُودَةً فِي دَارِ الْأَرْقَم. وَصَار دَارُهُ دَارَ عَلِمٍ وَحِكْمَة، وَمَرْكَزًا لِنَشْرِ رِسَالَةِ ‏الْإِسْلَام. وَكُلُّ ذَلِكَ فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِ الأَرْقَمِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. ‏

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

إِنَّ عَلَيْنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نُلَازِمَ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ أَحْوَالِنَا، وَأَنْ نَكُونَ ‏دَائِمًا مَعَ عِبَادَهِ الصَّالِحِين، وَأَنْ نَنْشَغِلَ بِالْأُمُورِ الَّتِي يُرْضِي مَوْلَانَا ‏سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. يَقُولُ الْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيم: ﴿اَلَّذٖي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيٰوةَ لِيَبْلُوَكُمْ اَيُّـكُمْ اَحْسَنُ عَمَلاًؕ وَهُوَ الْعَزٖيزُ ‏الْغَفُورُۙ‏﴾.[1] فَنَحْنُ إِنَّمَا نَعِيشُ هَذِهِ الْحَيَاةَ لِنُخْتَبَرَ بِأَعْمَالِنَا. وَلِنُحَاسَبَ عَلَيْهَا أَمَامَ اللَّهِ ‏تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَة. ‏

عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ النَّاسِ الصَّالِحِين، وَلْنَحْرِصْ فِي هَذَا عَلَى دُعَاءِ دَاوُدَ ‏عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِنَّهُ كَانَ يَدْعُو اللّهَ وَيَقُول: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالْعَمَلَ الَّذِى يُبَلِّغُنِى حُبَّك. اَللَّهُمَّ ‏اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِى وَأَهْلِى وَمِنَ الْمَاءِ الْبَارِد».[2]

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

إِنَّ فَتْرَةَ الْجَائِحَةِ جَعَلَتِ النَّاسَ أَكْثَرَ عُزَلَةً وَابْتِعَادًا عَنْ إِخْوَانِهِ ‏الْمُسْلِمِين. يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَتَخَطَّى هَذَا الْاِنْعِزَالَ وَأَنْ نَتَآلَفَ فِيمَا ‏بَيْنَنَا. وَإِنَّ خَيْرَ وَسِيلَةٍ لِذَلِكَ؛ مَجَالِسُ الْأَرْقَم، اَلَّتِي نَجْتَمِعُ فِيهَا لِنَتَعَلَّمَ أُمُورَ ‏دِينِنَا. عَلَيْنَا أَنْ نَحْرِصَ عَلَى إِدَامَةِ هَذِهِ السُّنَّةِ كَمَا حَرَصَ عَلَيْهَا الصَّحَابَةُ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم. فَمِنَ الْمُهِمِّ جِدًّا أَنْ نَتَوَاجَدَ فِي الْمَجَالِسِ الَّتِي تُزَيَّنُ بِذِكْرِ ‏اللَّهِ تَعَالَى وَبِآيَاتِهِ وَأَحَادِيثِ نَبِيِّهِ ؐ. وَلْنَغْتَنِمْ فَصْلَ الشِّتَاءِ هَذَا، ‏وَلْنَتَسَابَقْ مَعَ إِخْوَانِنَا فِي فَتْحِ بُيُوتِنَا لِهَذِهِ الْمَجَالِسِ الْمُبَارَكَة. ‏

أَسْأَلُ الْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى دِيْنِهِ، وَمِنَ ‏الْمُتَسَابِقِينَ فِي الْخَيْرَات. إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْه. آمِين.

[1] سورة الملك: 2

[2] سنن الترمذي، كتاب الدعوات، 72

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: بَاكُورَةُ حَلَقَاتِ الْعِلْم

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com