
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
إنَّ حَيَاةَ الْإِنْسَانِ مُقَدَّسَةٌ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَدِي عَلَيْهَا. لِأَنَّهَا قَبْلَ أَيِّ شَيْءٍ تَكْتَسِبُ قِيمَتَهَا بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لِخَلْقِهِ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. كُلُّ إنْسَانٍ مُوَقَّرٌ بِسَبَبِ فِطْرَتِه الَّتِي تَجْعَلُهُ إنْسَانًا. وَيُشِيرُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْأَشْيَاءِ الْمُهِمَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْبَشَرِ بِقَوْلِهِ "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ".
وَلَا شَكَّ أَنَّ خَلَقَ الْإِنْسَانِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ الرَّحْمَة الْفَرِيدَة. وَالْإِنْسَانُ أَيْضًا وَصَلَ إلَى قِيمَةٍ لَا تَتَحَمَّلُهَا الْجِبَالُ وَالْمَخْلُوقَاتُ كَافَّةً بِتَلَقِّي الْوَحْي. إنَّ الْوَحْيَ الَّذِي وَصَلَ إلَي الْإِنْسَانِ عَبْرَ التَّارِيخِ يَحُثُّ الْإِنْسَانَ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الشَّيْءِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ النَّاسِ رَغْمَ اِخْتِلافِنا. وَتُشِير الْآيَةُ إلَى أَنْ كُلَّ الِاخْتِلَافَاتِ بَيْنَ النَّاسِ تَهْدِفُ إِلىَ حِكْمَةٍ إلَهِيَّةٍ وَاحِدَةٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ). إنَّ اخْتِلَافاتِنَا تُذَكِّرُنَا بِاَللَّهِ بِكَوْنِهِ وَضْعَ الرَّحْمَةِ فِينَا.