
إِنَّ دِينَنَا الْإِسْلَامَ وَضَعَ قَوَانِينَ فِي كُلِّ مَجَالٍ فِي حَيَاتِنَا الِاجْتِمَاعِيَّةِ كَمَا وَضَعَ فِي حَيَاتِنَا الدِّينِيَّةِ. وَكَمَا قَرَأْنَا فِي بِدَايَةِ الْخُطْبَةِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاعْبُدُوا اللّٰهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهٖ شَيْـًٔا وَبِالْوَالِدَيْنِ اِحْسَانًا وَبِذِى الْقُرْبٰى وَالْيَتَامٰى وَالْمَسَاكٖينِ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبٰى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبٖيلِۙ وَمَا مَلَكَتْ اَيْمَانُكُمْۜ اِنَّ اللّٰهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًاۙ﴾ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ يَذْكُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ أَمْرِ الْعِبَادَةِ أَهْلَ الْفَضْلِ وَالْحَقِّ مِنْ الْأَقْرَبِينَ وَالْمُحْتَاجِينَ. ذَكَرَ اللَّهُ كَلِمَةَ الْجَارِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى مَنْ يَسْكُنُ بِالْقُرْبِ مِنْكَ أَوْ أَيِّ مَكَانٍ مُجَاوِرٍ. وَكَمَا لِلْجَارِ عَلَيْكَ حُقُوقٌ وَوَاجِبَاتٌ فَإِنَّ لِعَلَاقَةِ الْجِيرَةِ أَهَمِّيَّةً كَبِيرَةً فِي تَعْزِيزِ التَّكَافُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ وَلِسَعَادَةِ وَأَمَانِ الْأُسَرِ. الْعَلَاقَةُ الْحَسَنَةُ بَيْنَ الْجِيرَانِ تُشَجِّعُ عَلَى مُشَارَكَةِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ، وَتَقْلِيلِ الْحُزْنِ وَالْمِحَنِ. وَمَا أَفْضَلَ مَا قَالَهُ أَسْلَافُنَا "اشْتَرِ الْجَارَ قَبْلَ الدَّارِ" فَهِيَ عِبَارَةٌ بَلِيغَةٌ تُؤَكِّدُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ اخْتِيَارِ الْجِيرَانِ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْمَنْزِلِ.